إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
110219 مشاهدة print word pdf
line-top
توسع بعض العلماء في سرد الإسرائيليات

...............................................................................


ثم إن العلماء رحمهم الله توسعوا في هذه القصص، ولكن قد يكون بعض التوسع غير ثابت ولا صحيح؛ لأن كثيرا من تلك القصص التي توجد في كتب التفاسير معتمدها كتب غير موثوقة تسمى الإسرائيليات أي التي نقلت عن بني إسرائيل عن كتبهم، وقد عرف بأن كتبهم دخلها التحريف والتغيير، وأنهم كتبوا ما ليس بصحيح كما قال الله تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يعني يتكلمون ويدعون أن كلامهم هذا من عند الله، وأنه من كلام الله الذي أوحاه إلى الرسل مع أنهم كاذبون، وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فأخبر بأن هناك منهم من يكتب كتابا وينسبه إلى الله، وهناك من يتكلم كلاما وينسبه إلى الله، والكل كاذبون؛ ولأجل ذلك لا يقبل من كلامهم إلا ما قامت عليه الأدلة، أو كان عن الصادقين المعروفين بالصدق المتورعين الذين لا يكتبون ولا يقولون إلا شيئا حقا.
من ذلك توسع كثير منهم في بعض القصص التي نزلت مجملة في القرآن مثل قصة طالوت وجالوت التي أجملت في القرآن، فإن كثيرا من كتب التفاسير ملئت بكثير من النقول التي لا صحة لها، وإنما هي توسع في هذه القصة التي أجملها الله، ومثل قصة هاروت وماروت التي ذكرت في القرآن مجملة ؛ فتوسع كثيرون، وذكروا فيها حوادث ووقائع، والأصل أنه لا صحة لتلك الوقائع، فتقبل الآية على ما هي عليه دون رجوع أو تصديق لتلك النقول التي هي مبنية على أصول غير معتمدة.
وكذلك كثير من القصص كقصة آدم وإخراجه من الجنة، وأنه دخل إليه إبليس في صورة أو في جرم حية، وأنه وسوس إلى آدم وحواء إلى آخر ذلك؛ فلا نصدق بما لا دليل عليه.

line-bottom